السبت، 29 يونيو 2013

هل يستطيع الإنسان أن يسمع الأصوات في الفضاء ؟

هل يستطيع الإنسان أن يسمع الأصوات في الفضاء ؟


هل يستطيع الإنسان السمع في الفضاء؟
هل يستطيع الإنسان السمع في الفضاء؟
عندما تشاهد فيلم من أفلام الخيال العلمي تمتلأ الشاشة بمشاهد المعارك الفضائية و تمتلأ القاعة بأصوات المدافع و الرشاشات الألية و يتملك المتفرج شعور بالإثارة عندما تعتريه المشاهد و الأصوات المنبعثة من الشاشة و لكن إذا إفترضنا وجود معارك طاحنة في الفضاء هل يمكنك حقا أن  تسمع شيئا أصلا ؟
و للإجابة على هذا السؤال يجب علينا أن نتطرق إلى عاملين أساسين و هما : كيف ينتقل الصوت و ماذا يوجد في الفضاء ؟ و عندما نجيب على هذه الأسئلة نستطيع بعد ذلك أن نستنتج إن كان الإنسان قادرا على سماع الأصوات في الفضاء أم لا.
كيف ينتقل الصوت ؟
ينتقل الصوت عبر أمواج ميكانيكية و هي عبارة عن إضطرابات تنقل الطاقة عبر نوع معين من الأوساط  (medium) ، في المجال الصوتي ، الإضطراب هو عبارة عن ذبذبات عنصر ما أما الوسيط فيمكن أن يكون سلسلة من العناصر التفاعلية و المترابطة و هذا يعني أن الصوت بإمكانه الإنتقال عبر الأجسام الصلبة او السائلة أو الغازية.
لنضرب مثالا بجرس عادي ، عندما بقرع الجرس فإنه يهتز أي أنه يتحرك دوريا إلى الداخل و الخارج ، عندما يتحرك الجرس إلى الخارج فإنه يظغط على ذرات الهواء و بطريقة تسلسلية تضغط هذه الذرات على بعضها البعض مثل كرات البيلياردو و عندما يتحرك الجرس إلى الداخل فإنه يجذب ذرات الهواء في الإتجاه المعاكس بنفس الطريقة ، إن حركة ذرات الهواء هذه تعرف بالموجات الصوتية بينما يمثل الجرس  الإضطراب أما الهواء فهو الوسيط التي تنتقل عبره الذبذبات .
التركيبة الداخلية للأذن
التركيبة الداخلية للأذن
و كما أسلفنا الذكر فإن الصوت لا ينتقل فقط في الهواء ، ضع أذنك على سطح صلب (كالطاولة مثلا) و أغمض عينيك بينما يقوم أحد أخر بضرب الطاولة بشكل خفيف ، تولد هذه الضربة موجات تنتقل عبر جزيئات الطاولة حيث تصطدم الذرات ببعضها البعض بشكل تسلسلي مشكلة الوسيط الذي ينتقل عبره الصوت و في النهاية تنتقل الحركة من جزئيات الطاولة إلى جزيئات الهواء ثم الأذن. عندما تنتقل الموجات من وسيط إلى وسيط أخر ( في المثال السابق ، إنتقلت من جزئيات الطاولة كوسيط أولي إلى جزيئات الهواء أي أن الوسيط تغير ) تسمى هذه العملية الإرسال (transmission).
تصطدم جزيئات الهواء بطبلة الأذن (tympanic membrane) محررة سلسلة من الأمواج عبر المكونات التركيبية للأذن ، يترجم الدماغ هذه الإهتزازات أو الأمواج كأصوات (إن طريقة عمل الأذن معقدة جدا و لا نستطيع إدراجها في هذا الموضوع) .
إذا ، مما سبق نستنتج أن الصوت يحتاج إلى وسيط فيزيائي للإنتقال ، و لكن هل يوجد وسيط تنطبق عليه هذه المواصفات في الفضاء ؟
سرعة الصوت :
تعتمد سرعة الصوت على طبيعة الوسيط الذي تنتقل الذبذبات عبره ، ولكن بشكل عام تنتقل الأصوات في الأجسام الصلبة بشكل أسرع من الأجسام الغازية أو السائلة ، كما أنه كلما كان الوسيط أكثر كثافة كلما قلت سرعة إنتقال الصوت عبره . إن سرعة الصوت في يوم بارد تحتلف عن سرعة نفس الصوت في يوم حار .
ما هو العنصر الوسيط في الفضاء ؟
رائد فضاء أثناء مهمة تصليح
رائد فضاء أثناء مهمة تصليح
قبل أن نبدأ الحديث عن الفضاء من الأفضل أن نعرفه أولا ، لنجعل الأمر سهلا و مناسبا لهذا الموضوع سنعرف الفضاء على أنه منطقة من هذا الكون الشاسع تقع خارج الكرة الأرضية .
ربما قد سمعت من قبل أن الفضاء عبارة عن فراغ (vacuum)، إن الفراغ الحقيقي هو الغياب التام لأي مادة و لكن الفضاء مليئ بالكواكب و النجوم و المذنبات و الغبار غيرها من المواد فكيف لشيئ يحتوي على كل هذه المواد أن يكون عبارة عن فراغ ؟ السبب وراء ذلك أن الفضاء شاسع جدا و بين هذه المواد التي ذكرناها (الكواكب و غيرها ) توجد مناطق من ملايين الأميال خالية من جميع أنواع المادة أي أنها عبارة عن فراغ .
و بما أن الصوت ينتقل فقط عبر وسيط مادي فمن المستحيل أن ينتقل عبر هذه المناطق الشاسعة من الفراغ حيث أن المسافة بين عناصر المادة المختلفة كبيرة جدا لدرجة تمنع إصطدامها ببعضها البعض و لذلك حتى و إن حصلت على تذكرة في الصف الأمامي لمشاهدة معركة فضائية في حرب النجوم فلن تسمع شيئا على الإطلاق .
من الناحية التقنية ، يمكنك أن تجادل بإمكانية سماع الأصوات في الفضاء و هنا بعض السيناريوهات المحتملة :
  1. تستطيع أمواج الراديو الإنتقال عبر الفضاء ، لذلك إن كنت مرتديا لبدلة فضائية مجهزة بجهاز إستقبال لأمواج الراديو و كنت في مهمة تصليح لتلسكوب هابل خارج محطة الفضاء الدولية و أرسل أحد زملائك في الفريق داخل المحطة رسالة مفادها  أن البيتزا قد أصبحت جاهزة فيمكنك سماعه و ذلك لأن أمواج الراديو ليست أمواجا ميكانيكية و إنما كهرومغناطيسية و هي قادرة على نقل الطاقة في الفراغ . عندما يلتقط جهازك الرسالة يقوم بتحويلها إلى أصوات مسموعة .
  2. لنفترض أن الأمور لم تجري كما يجب في عملية التصليح فخرجت عن مسارك و إصطدمت خودتك بمرأة تلسكوب هابل ، سيحدث هذا الإصطدام صوتا بإمكانك سماعه حتى و أنت في الفضاء و ذلك لوجود إحتكاك مباشر بين الخودة و التليسكوب مما سيسمح للذبذبات بالمرور عبر هذه المواد إلى داخل البدلة الفضائية ، ولكنك مازلت محاطا بالفراغ أي أن ملاحظا أخر بالقرب منك لن يستطيع سماع الصوت حتى و إن صدمت خوذتك مرات عديدة.
و كمحصلة ، رغم أفلام هوليود المشوقة يستحيل على الإنسان أن يسمع في الفضاء لذلك نقترح عليك في المرة القادمة التي ستتفرج فيها فيلما من أفلام الخيال العلمي أن تسد أذنك قبل بداية الفيلم لأن ذلك سيعطيك الإحساس الحقيقي في الفضاء (نكتة).